Selasa, 02 Februari 2010

تربية الشباب و نهضة الأمة الإسلامية العالمية ضرورية تاريخية

ابن مسلم الرياوى

تربية الشباب و نهضة الأمة الإسلامية العالمية ضرورية تاريخية

لا شك أن الحضارة الموجودة على ظهر الأرض اليوم هى الحضارة التى تواجه الإسلام فى نواحيه , وأصبح الإسلام ضعيفا لا قيمة له أمام الحضارة الغربية الفظيعة . وبالطبع أن السبب من هذه المحن والمفتريات الثقافية ضعف الإيمان وعدم العزم والثبات . لقد خلت الأمة الإسلامية من تراثها الدينى والثقافى , وزالت منها التعاليم والقيم والمثل العليا , ولهذا نهضتها الموعدة ضرورية فى التاريخ المقبل . فالأمة تحتاج إلى نظام الإصلاح من شدة المحن والهجوم التىتخفى أهدافها الحقيقية[1].

والأمل الكبير أن تعى جميع هذه الفئات من الجماعات والقيادات الإسلامية أهمية السنة الإلهية المتضمنة فى قوله عز وجل ( اقرأ بسم ربك الذى خلق ) الذى يتضمن أول آية نزلت فى غار حراء , ثم يكون من نتائج هذا الوعى إدراك الحاجة الماسة إلى قراءة أحداث العصر ووقائع الغارة الجديدة على العالم الإسلامى وذلك لسببين , أوله أن العمل الناجح يولد ولادتين , ولادة نظرية و ولادة عملية فلابد من الاثنين وترتيب تتابعهما وثانيه أننا أصبحنا نعيش فى زمان احتلت المعرفة فيه مركز المحور من القوة , ولذلك فإن الأمة التى تتفوق فى المعرفة تتفوق فى القوة كما يقول ألفن توفللر فى كتابه تحول القوة[2].

وذلك يجب على الأمة أن ترجع إلى مرجعيتها الأصلية التى تؤثر مراحل النهضة التى رسمها الإمام الشهيد حسن البنا أن أصل النجاح للأمة هوالرجوع إلى المصدر التلقى الأول والمصدر المنهجى الواضح الذى قد بينه رسول الله عليه الصلاة والسلام . ونعلم أيضا أن أحدا من عناصير النهضة الإسلامية دور شبابها فى تلك العملية , لقد أصدر التاريخ دورهم الرائع فى أول فجر الإسلام بأرض الحجاز منهم على بن أبى الطالب ومصعب بن عمير وعبد الله بن مسعود وغيرهم من الشباب المسلمين الأولين , ذلك بسبب تربية نبيهم المصطفى عليه الصلاة والسلام , لقد رباهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالمنهج الإلهي حتى أصبحوا جيلا مثاليا عبر التاريخ . لماذا كان عليه الصلاة والسلام يهتم بدور الشباب ؟ الجواب هو لأن فيهم الخصال والخصائص الراسخة ونعلم كل هذه الخصال من القرآن العزيز منها :

· بساطة العلم و قوة الجسم

وهذا الخصل ورد فى سورة البقرة

....قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم والجسم ...(البقرة: ۲٤٧)

إن هذه الآية دالة على خصوصية الشاب فى قوة العلم والجسم , وقصت الآية أن فريقا من بنى إسرائيل قام باعتراض اختيار نبيهم قائدا لهم فى مواجهة الأعداء . والعمدة فى الاختيار أمران : العلم ليتمكن به من معرفة أمور السياسة , والأمر الثانى قوة البدن ليعظم خطره فى القلوب , ويقدر على مقاومة الأعداء ومكابدة الشدائد , وقد خصه الله تعالى منهما بحظ وافر , قال ابن كثير ينبغى أن يكون الملك ذا علم , وشكل حسن وقوة شديدة فى بدنه ونفسه[3]. وفى الحال الواقع تحتاج الأمة الإسلامية إلى هذين الأمرين , ولقد قاد هذه الأمة جاهلها, وسادها فاجرها والعياذ بالله. ونسأل الله عز وجل أن يخرج هذا الجيل الربانى القوى العالم من بطون الأمهات الطاهرة القديسة .

· قوة المنطق والحجة

حاج الملك الظالم المشرك إبرهيم وجود ربه تعالى فى قوله : ..إذ قال أبرهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيى وأميت , قال إبرهيم فإن الله يأتىبالشمس من المشرق فأتى بها من المغرب , فبهت الذى كفر..(البقرة : ۲٥۸). لقد سكت و خرس هذا الملك الفاجر لا يستطيع الكلام ولا الجواب , وهذا دال على ضبط كلام عليه السلام أمام الساطان الظالم . ولابد للملك أن يملك هذا الخصل , إنما الواقع أن الإسلام مبسوط حول القوة الغربية والصهيونية, ولذا يليق له قوة الحجة وضبط المنطق فى مواجهة السيطرة الكائدة الظالمة . ورأينا ما حدث فى مجلس الأمن الدولى لللأمم المتحدة قام الكفار المجرم بمكايدة المسلمين , غير أنهم كثيرون فى ذلك المجلس لكن لا موقف له ولا حجة ولا رد من المفتريات التى صنعها العدو . فالأمة بحاجة شديدة إلى هذا الخصل الذى لا يملكه إلا الشباب .

· ثبوت الإيمان

فى قوله جل جلاله :.. إنهم فتية آمنوا بربهم وزدنا هدى . وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض...(الكهف : ١۲-۱۳) . ففى هذه الآية الشريفة أثبت أصحاب الكهف إيمانهم الراسخ كالجبال الراسيات لا يستطيع أي أحد كان أن يهدمه إلا قدرة الله عز وجل . وفى الآية قاموا بمعنى ظهروا على ما كان عليهم من علامات إيمانهم بالله عز وجل , قاموا بمعنى الثبات على موقفهم الخاطر أمام الملك الفاجر يعنى هو الإيمان بالله تعالى , وقالوا يعنى هو الإقرار والإعلان بأنهم خالفوا مما كان عليه الملك وجنوده , ذلك إنهم صدقوا بما عاهد الله عليهم فوعدهم نصرا مؤزرا . آن الأوان أين موقفنا نحن ؟

· الشجاعة فى أخذ الوظيفة

فلما رآى أن فى سياسته المصلحة فأخذها ,كما فعله يوسف عليه السلام لما له من العلم واليقين المتين فى قوله تعالى : قال اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم (يوسف :٥٥) . وتمكن يوسف فى الوظيفة ورآى ليس هناك غيره من الناس الذين يأخذون هذه الأمانة فأخذها . قال على الصابونى , أي أمين على ما استودعتنى , عليم بوجوه التصرف , وإنما طلب منه الولاية رغبة فى العدل وإقامة الحق والإحسان , وليس هو من باب التزكية للنفس وإنماهو للإشعار بحنكته ودرايته لاستلام وزارة المالية[4].

نحن الأمة المتمسكة بما جاء من الحق ونعمل به ونرجو به رحمة الله وثوابه ومنته تبارك وتعالى, ولذلك لاشك أن السعادة والكرامة والعزة لا نجدها إلا بتطبيق جميع أوامر الله عزوجل وتجنيب جميع فى ما نهانا الله عنه. فالإسلام بشرائعه الشاملة يهدى الأمة إلى حياتها الحقيقية وهى العبودية إلى الله عزوجل ، والأمة الإسلامية أحق بنهضتها المنتظرة فى مستقبلها. وإذا رأينا من قبل مرحلة التى سار عليها الأمة وعناصرها المتميزة ألا وهو الشباب ، وعرفنا من خلال التواريخ الرائعة , كيف كان قصة أصحاب الكهف و شاب أصحاب الأخدود فى مواجهة السيطرة الظالمة المحقرة فى وجود الله الواحد القهار ، وحالتهم فى استقبال العذاب والأذى بسبب تمسكهم بدين الله الحنيف . وفى الأساليب القرآنية نرى تلك القصة الرائعة تقص دورهم الحائر المعجز . وبطبيعة الحال إن وجود دور الشباب فى نهضة الأمة الإسلامية لشيء مضطر وضروري ، والحاصل على ذلك الحال فهناك ثلاثة خطوات لترقية دور الشباب فى نهضة الأمة الإسلامية .

أولا : أول شيء أن نفعله ألا وهو توعية الشباب من زخاريف الحياة التى تهملهم من مهمتهم الجليلة ، وكذلك ظلمة الحياة الغربية التى تؤثرهم وتشغلهم عن دينهم، فبالطبع أننا نقوم بتوعيتهم ونحضر لهم حلاوة الإيمان والجهاد و العبادة إلى الله جل وعلا فإن ثلاثة هذه تحذرهم عن زينة الحياة وتذكرهم بهمومهم الحقيقية وهى عبادة الله تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (الذاريات : ٥٦) ، لقد حدث فى الحال الواقع الحاضر أن الشباب جاهلون غافلون عن هذه القضية المعاصرة لدى الأمة الإسلامية ، وبالعكس نرى من السيرة النبوية أننا نجد أن الإسلام فى أول ظهوره كان يعتز بدخول الشباب إليه وتمسك بتعاليمه الهادية إلى سعادتهم فى الحياة ، منهم على بن ابى طالب ومصعب بن عمير و عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين حينما كان يرا النبي مميزاتهم وذكائهم تعز الإسلام ، ونرجو كذلك فى العاجل ليعرفوا الشباب دورهم لانتصار الإسلام والمسلمين.

ثانيا : ففى هذه المرتبة المهمة فى ترقية دور الشباب فهى تربيتهم وتكوينهم بتعاليم الإسلام وشريعته ، وكذلك من قبل هذه الخطوة الثانية أصبح الشباب شخصيا إسلاميا من خلال تعلمهم وتعاملهم بمصدري الإسلام الأساسيين هما القرآن وسنة رسول المصطفى . ولا شك أن بهما يستطيع الشباب أن يلتزم فى هذا السبيل الواعى , فلا يوجد المعالم الأخرى تسدهم إلى الأفكار الإسلامية المستقرة إلا بهما. وبالتربية نعرف أهداف الحياة الدنياوية وخطرها وبها أيضا نعلم أن الحياة البشرية لا تنتهى فى هذه الدنيا فقط بل مستمرة إلى الحياة الخالدة فهى الحياة الآخرة ، لاموت فيها بعد أن نصل إليها بواسطة الموت .

ثالثا : ففى هذه العملية الأخيرة تنفيذهم بالوظائف الدعوية والإصلاحية ليثبتوهم على موقفهم الربانى بعد تعاملوا مع تراث دينهم وسير أسلافهم بقوله عزوجل : ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ... (الأحزاب : ٧۰- ٧١). إنما تنفيذهم فى الواجبات الدينية ليثبتوهم وليصلح أعمالهم السيئات وليغفر لهم ذنوبهم السابقة . حيث كان النبي عليه الصلاة والسلام أمر معاذ بن جبل إلى أرض اليمن و مصعب بن عمير إلى المدينة المنورة من أجل آداء فرائض دينهم تعريف الناس ربهم وتعليمهم دينهم . هذه هى الخطوات التى أسسها النبي عليه الصلاة والسلام تكوين الجيل الربانى المثالى وذو القيم والمثل العليا الذي يعرف لأجل شيئ خلق . وأخذ الإمام الشهيد حسن البنا هذا التراث التربوي من أجل تربية الأمة الإسلامية ويوقظها من نومها الطويل .

إن تربية الشباب التى نفهمها بعيدة عن التربية التى يفهمها الغرب . فالغرب يشعر وبدوره العلمى فقط لا بمزاياه الإلهية التى تجعل الإنسان يعرف ربهم وواجباتهم التى خلقهم الله من أجلها , ويقوم بإمارة الأرض وعمارتها . وأسأل الله العظيم أن يجعل هذه العملية خالصة لابتغاء وجهه الكريم , وله الحمد والمجد وهو العليم الخبير .



[1] هكذا ظهر جيل صلاح الدين . ص 13

[2] المرجع السابق . ص 18

[3] صفوة التفاسير . ج 1. ص . 142

[4] المرجع السابق . ج 2 . ص . 52